الأحد، 8 نوفمبر 2009

الطريق إلى القلوب


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين

وبعد..

فقد ظلت العبادات عند كثير من المسلمين محصورة فى شكل بدون روح، فالمسلم يؤدى عبادته ويتقوقع فى ذاته وخصوصياته، دون الاهتمام بأن الإسلام رسالة ودعوة.

وبهذا انكمش دور المسلم الاجتماعى والحركى! فلم يمتد إلى جميع قطاعات المجتمع، لينقله ويصبغه بصبغة الإسلام، حقيقة وعملا، مشاعر وشعائر وشرائع، لبناء الأمة الإسلامية، وتحقيق ا لآمال.

ولما كانت رسالة الإسلام موجهة إلى عامة الناس على الأرض، كان من الضرورى أن يتصدر لهذا المجتمع الواسع دعاة على مستوى من العلم والقدرة والقدوة، ودراية بأسرار النفس البشرية، يتحلون بالصبر، وانشراح الصدر (قال رب اشرح لي صدري) طه: 25، وفراسة وبصيرة (قل هذه سبيلي أدعو الى الله على بصيرة أنا و من اتبعني و سبحان الله و ما أنا من المشركين) يوسف: 108، وفى الحديث: " اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله "، واستنهاض إمكانات الحواس الربانية، فى جذب القلوب، وتآلف الأرواح، والمعايشة فى رحاب حركة الدعوة ومجالاتها الواسعة، وهذا يكون بالكلمة الطيبة، والدعوة بالحسنى، والجدال- إن اقتضى الأمر- بالتى هى أحسن، والقدوة الصالحة، ذلك أن طهارة الهدف تستلزم- فى عرفنا- طهارة الأسلوب فى تحقيقها، وقبل الغاية يقتضى نبل الوسيلة حتما.

ومنذ صدر الجزء الأول من كتاب " الطريق إلى القلوب " فى سنة 1406 هـ- 1986 م ظهرت دلائل وتباشير الوعى الإسلامى، وتوهج الحب فى مشاهد وتعامل وتالف شباب الإسلام، فتلاحمت القلوب، وتعانقت الأرواح، وبدا ذلك فى مشاعر الجماهير الإسلامية المتدفقة فى كل بلاد العالم الإسلامى، تهفو للتلاقى، وترنو للوحدة، وتعمل على بينة، بالحكمة الربانية، والسنة النبوية، مدعومة بالفطنة واليقظة والانتباه، بصبر جميل، ووفاء ثابت، وعزم أكيد، لا تزعزعه المحن، ولا تؤثر فيه عورات النفوس وتقلبات الزمن.

يعيننا على ذلك تقوى الله تعالى فى السر والعلن، وتصديق بوعد الله الذى لاشك فيه (وعد الله الذين ىمنوا منكم و عملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم و ليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم و ليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا)النور: 55، ورابطة من الحب العميق الوثيق، تثبت القلوب، وتشد الأواصر، بحبل الله المتين، وشرعه المبين:

سألبس للفقرثوبا جميلا وأفتل للصبرحبلا طويلا

سأصبربالرغم لابالرضا أبنى دعوتى جيلافجيلا

(يا أيها الذين آمنوا اصبروا و صابروا و رابطوا و اتقوا الله لعلكم تفلحون) آل عمران:200.

عباس السيسى ربيع الأول 1416 هـ اغسطس 1995 م

إن مهمتنا إيقاظ الشعب المسلم الذى نام طويلا !

ونحن فى حاجة إلى هزة روحية جبارة لتحريك وعى عقله الذى نام لفترة، وضميره الذى تحلل من أثر عوامل الظلم والقهر!

وطالما أن العالم الغربى يحاصر الاتجاه الإسلامى بكل وسائل المكر والخداع، ويحرم بلادنا من الحرية!

وطالما أن أمريكا وحلفاءها فى الغرب والشرق يحاصرون الاتجاه الإسلامى، ويساندون الحكومات التى تدور فى فلكها، فى تحجيم وتضييق الخناق على الحركات الإسلامية، مثلما هو واضح فى الجزائر وتونس ومصر وكشمير والشيشان، فإنه أمام إصرار الدعاة على الانتصار لدينهم الذى هو الحياة.. كل الحياة؟ إنه أمام هذا الظلم: ليس من وسيلة متاحة أمام التيار الإسلامى إلا أن يسلك سبيل الد عوة الفردية، بالصبر المرير، وبالحكمة والموعظة الحسنة، وهو السبيل الذى يعمل عمل قطرات الماء الذى يحفر فى الصخر، حتى تتفجر ينابيع تسقى الأرض، وتنبت الزرع، وتعبد الحياة، وترفع راية: لا إله إلا الله، (فإن مع العسر يسرا، إن مع العسر يسرا) .

هكذا تولد الأمم العظيمة، والحضارات الصالحة الكريمة..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق